نشر هذا التحقيق في ملحق شرفات العدد 340 بجريدة عمان العدد 10326 ، بتاريخ 09 سبتمبر 2009م
تحقيق: هدى الجهورية
هناك اتهام موجه إلى الكاتب العماني بأنه بعيد عن الكتابة للدراما العمانية، وأن بعده أحد الأسباب الرئيسية في الإخفاق الذي أصاب الدراما، مما أدى إلى تراجعها، لاكتفاء الكاتب بالانتقاد من على البعد بدلا من أن يكون إيجابيا، ويبادر بالكتابة للدراما.. رأت «شرفات» أن تطرح هذا الموضوع لتعرف رد الكاتب على ما هو منسوب إليه..
مسالخ الدراما، ومخرج كسول:
في كل رمضان، وبعد أن تكال الاتهامات إلى المسلسلات العمانية، وإلى ركاكتها توجه أصابع الاتهام الأولى إلى الكاتب العماني لذا بدأنا استطلاعنا مع القاص والكاتب محمد الرحبي الذي كانت له تجربة في الكتابة للدراما لنعرف رأيه عن قرب فكان أن قال: "تمتاز في عمان بخاصية ربما تنعدم في أية دولة أخرى، فلا مجال هنا للتجريب، وتقديم أي فعل إبداعي لأن هناك مجازر، ومسالخ تعمل بجهد لا تقدر عليه مسالخ البلدية صبيحة العيد، ومن ثم نتساءل: أين المبدعون في بلدنا؟! وأين الكتاب والفنانون وأين سائر المبدعين؟" ثم أردف قائلا: "لنفترض أننا نعاني من هبوط في مستوى الدراما؟ إذن لماذا لا يعترف أصحاب المسالخ أن لديهم هبوطاًأيضا في مهارة الذبح، ويتم الخلط بين ما هو المذبوح حسب الطريقة النقدية، وما هو مهدر دمه بحيث لا يفكر في أن يطرق أي مجال مرة أخرى"، ويتابع قائلا: "فمثلا تحول مسلسل خفيف وطريف يسمى درايش إلى قضية أمن دولة، وصار يعامل كأنه وباء أشبه بانفلونزا الخنازير، والكتابة عنه أصبحت فرض عين وليس فرض كفاية إن كتب عنه البعض سقط الواجب عن البعض الآخر، وحشدت الأقلام وتبارت الصحف والمنتديات في تحليل وتفنيد هذه القضية المصيرية الكبرى التي تقدم وقائعها بعد الإفطار مباشرة"، وقال القاص يحيى سلام المنذري: "هذه الاتهامات يكيلها مخرجو هذه الأعمال بعد أن يشعروا بأن الفشل حالفهم في هذا العمل أو ذاك، فلا يجدون الظاهر غير كتّاب القصة والرواية يبررون فيهم فشلهم. لأن المخرج إذا تحلى بالصدق والموهبة والنشاط في إنتاج وإخراج عمل درامي متميز لن يبادر بهذا الاتهام، ومقومات نجاح أي عمل درامي - كما نعرف- تكون في المخرج المبدع الطموح والسيناريست الجيد والاختيار الموفق للممثلين الموهوبين وعناصر أخرى بالطبع كالحرية المتاحة للتعبير والتصوير والمؤثرات الصوتية والموسيقية وغيرها، وكل هذه العناصر تعتمد على نص جيد متقن الكتابة من حيث فكرته ورقي أسلوبه وابتعاده عن المباشرة في الطرح، ولكن من أين يأتي هذا النص؟ هناك طبعا مصدران أساسيان..وهما: المصدر الأول هو أن يجد المخرج قصة سواء كانت قصيرة أم طويلة تدهشه ويعجب بها ويتفاعل معها، وفي اعتقادي بأن المخرج إذا أراد أن يجد هذه القصة لابد أن يبحث عنها ويكون قد قرأ العديد من القصص والروايات، أما قول بعض المخرجين أو العاملين في مجال الدراما: "بأن الكاتب لا يأتي ليعرض علينا نصه" فليكن في علمهم بأن المجموعات القصصية أو الروايات لم تكتب للدراما، وأن الكاتب لن يحمل كتبه ويذهب بها إلى المخرجين ليقول لهم: رجاء حولوا هذه القصة إلى السينما أو التلفزيون" وأردف المنذري قائلا: "أتذكر الآن وبدون ذكر أسماء بأن مخرجا صرح يوما بأن الكتاب العمانيين لا يعرضون قصصهم على المخرجين، ولذلك فإن ابتعادهم هو سبب تدني الدراما في السلطنة، وحينها تساءلت، ولماذا يا ترى هذا المخرج لا يقرأ أو يتابع الإصدارات العمانية ويظل جالسا في بيته أو مكتبه ينتظر الكاتب لأن يطرق عليه الباب؟ لماذا لا يبعد عنه الكسل ويكتشف بنفسه قصة قد تكون مهمة للسينما أو التلفزيون أو الإذاعة؟ أما المصدر الثاني للنصوص الدرامية هو كاتب متخصص للدراما أي أنه موهوب ومتدرب - إن لم أقل محترفا- في كتابة مسلسلات أو أفلام، وله موهبة في كتابة السيناريو وهذه بحد ذاتها إمكانية تختلف عن كتابة قصة قصيرة أو رواية". ويرى القاص خالد عثمان أن الدراما العمانية بحاجة إلى وقفة حقيقية وصريحة في كل جوانبها، أي وقفة شاملة: "في رأيي أن هذه الدراما من خلال متابعتنا لها، لم تتقدم منذ أن بدأت، كي نقول عنها بأنها تراجعت، ولكنها بقيت كما هي منذ أن انطلقت برغم تقدم التكنولوجيا في عالم الفن الدرامي بشكل عام".
كاتب القصة ليس كاتب دراما:
يرى القاص والسينمائي مازن حبيب أنه لا ينبغي أن يوجه اللوم إلى الكاتب العُماني عموماً (أو القاصين خصوصاً)، بل إلى من يطرح نفسه ككاتب للدراما قائلا: "على هؤلاء الكتاب أن يتصدوا للنقد بدورهم (بأعمالهم)، فهو وجيه حقاً، لأنه حين يتكرر، فهذا يعني أن أعمالهم لم ترض طموح مشاهديها، وعلى الأرجح أنهم لم يفلحوا في زحزحة الفكرة السائدة عنها. الدراما العُمانية (متمثلة بالنتاج النهائي للعمل المُشاهد بجزئياته المختلفة ابتداء بالنص وانتهاء بالنسخة التي ينهيها المخرج، وهذا ما يحكم عليه، وليس على العمل المكتوب فحسب)، واتفق الكاتب السينمائي عبدالله خميس معه في الرأي قائلا: "لا يمكن إجبار أي فرد ممن لا يتعاطون الكتابة الدرامية بالأساس إلى أن يتحول إلى كاتب درامي. القصة القصيرة فن مختلف عن الدراما، والرواية فن آخر. أما الشعراء وبحكم الطبيعة اللحظوية للشعر فلا أتوقع أن لديهم القدرة على كتابة المسلسلات بحلقاتها المتعددة إلا لدى أفراد استثنائيين، وفي المقابل فإن الكثير من كُتاب الدراما حول العالم لم يسبق لهم أن كتبوا قصة قصيرة واحدة أو رواية. الفرق الجوهري بين طبيعة القاص، والكاتب الدرامي هو أن عمل الأول وإبداعه يتصف بالفردانية. فالقاص يكتب قصته لوحده وانتهى الأمر. أما الكاتب الدرامي فيعرف أن عمله ذو طابع جماعي وأن كتابته هي فقط جزء من المشروع، وليس المشروع برمته، فالإخراج والتمثيل والديكور والماكياج كلها عناصر أخرى أساسية ضمن ذات المشروع الذي هو العمل الدرامي التليفزيوني" ويشاركنا القاص نبهان الحنشي بقوله: " لا يجوز الاتهام بهذه الطريقة.. بل يجب التصويب أكثر.. أقصد: بما أننا لدينا كتاب رواية وكتاب قصة..أين هم أصحاب الدراما عنها، لماذا لا تُحوّل هذه الأعمال لأعمال درامية..هل من سُنة العمل الدرامي الانتظار، وهل من سُنة المسؤولين قذف الاتهام. الأدب في عُمان غزير ووافر، وليت القائمين على الدراما المحلية يصوّبون البوصلة ولو قليلا تجاه الأعمال الأدبية لوجدوا الكثير من الأعمال الجيدة والرصينة". وتجد القاصة رحمة المغيزوي أن الاتهام ذو طبيعة مزدوجة، فإذا كان الواقع يدل دلالة لا ريب فيها أن الكاتب العماني لا يبادر إلى الكتابة الدرامية فهي ترى في ذات الوقت أن القائمين على الدراما المحلية لم يبدأوا خطوة المبادرة الأولى لتحفيز الكاتب على التعاطي مع مركزاتهم وأسسهم ومحاورهم ومن هنا تكون معادلة الاتهام متعادلة سلبية من كلا الطرفين"وترى المغيزوية أهمية تحاوز مرحلة الاتهام إلى مرحلة البحث عن حلول لها.
مغامرة غير مأمونة:
يرى يحيى المنذري أن الكتابة للدراما ربما تكون مغامرة غير مأمونة الجانب: "لأن الكاتب يظل خائفا على كيفية إخراج نصه في عمل درامي، ويظل قلقا على مستوى نصه من ناحية إخراج العمل أو الشخص الذي سيكتب السيناريو – إن لم يعده الكاتب بنفسه – أو من سيقوم بالأدوار التمثيلية، كل هذه العوامل تشكل غموضا بالنسبة له، وكل هذه العوامل بإمكانها أن تتلاشى إن وجد مخرجون أكفاء، وصادقون في عملهم. ولكن كاتب القصة في رأيي لديه إمكانيات الكتابة للدراما إن هو أراد وأصر على ذلك، ويؤكد القاص سعيد الحاتمي أن جزءا كبيرا مما تعانيه الدراما العمانية هو القصور المزمن في النص الدرامي قائلا: "في تاريخ الدراما العمانية هناك القليل من الأعمال التي لا تتعدى أصابع اليد التي كانت مدعومة بنصوص ذات جودة حقيقية..فمن يتحمل هذا الأمر؟هل الكاتب؟" ثم يجيب على سؤاله قائلا: "الكاتب هو طرف مهم في القضية ويتحمل وزرها..وتحديدا أعني من يمارسون الكتابة الدرامية ويمتلكون أدواتها، وعلى الأقل متمكنون من بعض الأساسيات التي تتطلبها..جزء آخر تتحمله المؤسسة الداعمة، والمنتجة حين لا تقدم للكاتب ما يستحقه من دعم مادي، ومعنوي ولا تتيح له مساحة معقولة من حرية الطرق..كما إن عدم ثقته في جودة العناصر الأخرى المكملة للعمل( الممثل والمخرج والمنتج.....الخ) يجعل الكاتب يشعر أن الأمر لا يستحق المغامرة بالفعل". بينما أشار محمد الرحبي إلى أن العمل الإبداعي يُلزم صاحبه بمزاج لا يحب تعكيره فوق ما هو معكّر أصلا ثم قال: "لذا فإن الخوض في الكتابة الدرامية رقص على الحبال، فمن يمتلك الكلمة ومن لا يمتلكها يقدم فتاويه في جواز مشاهدة مسلسل درايش، وهل تجب الكفارة على كاتبي حلقاته، والعاملين فيها من ممثلين وصولا إلى المخرج، ووزارة الإعلام كونهم سمحوا بهذه الكبيرة في شهر رمضان، وأضروا بأمن البلاد والعباد". ويفسر عبدالله خميس الأمر بقوله: "المشكلة تكمن في أن من اعتاد نفسيا على مسألة إنجاز مشروعه بمفرده قد لا يكون سهلا عليه الانخراط في مشروع جماعي، وهذا برأيه سبب كاف يجعل كتاب القصة والرواية مبتعدين عن الكتابة الدرامية، ولا لوم عليهم في هذا، ببساطة لأن مجال عملهم مختلف عن مجال الدراما". ويضيف قائلا: "الكتابة الدرامية هي جزء من مشروع أكبر لذا تبدو مخيفة لبعض الكتاب، وتمنعهم من طرق باب الكتابة الدرامية خشية ألا تقوم العناصر الأخرى اللازمة لصناعة العمل الدرامي بنقل أفكارهم ورؤاهم كما هي عليه. فقد يكتب الكاتب عملا دراميا ولا يصل في الناتج البصري النهائي للعمل إلا القليل مما طمح إليه ذلك الكاتب، وذلك بسبب تدخلات جهة الإنتاج والمخرج وأسلوب أداء الممثلين واللكنة التي يتكلمون بها وغيرها. كل هذا لا يمنع أن يحاول بعض كتاب القصة أن يدخلوا باب الدراما لأنه لربما كانت لديهم موهبة كامنة لكتابة الدراما التلفزيونية إلا أنهم لم يختبروها من قبل"، وتؤكد المغيزوية على فكرة قائلة: "التخوف في هذا الجانب ليس من الكتابة، وإنما من السهو عن أحد جوانب الكتابة الدرامية، أو اختلاف الرؤى من قبل المتعاطين له مما يفقد النص الصورة التي ولد بها".
بين من يريد، ومن لا يريد:
وعن محاولات الكتابة للدراما قال لنا الكاتب عبدالله خميس: "كانت لي محاولات تم تنفيذ بعضها. ففي عام 1995 نفذت لي الإذاعة تمثيليتين إذاعيتين مدة كل منهما نصف ساعة ضمن ما كان يُعرف بتمثيلية الأربعاء، وقد تم بث التمثيليتين، والآن أكتب على مهل دراما إذاعية علمية من ثلاثين حلقة محورها البيئة والطبيعة، ولكن في إطار درامي، وهي باللغة العربية الفصحى، ولم أعرضها بعد على المسؤولين في الإذاعة". بينما مازن حبيب لا يفكر بالكتابة للدرما إلا إذا شعر أنه سيكتب شيئاً مغايراً يستحق المشاهدة –بحسب قوله- وبه يتجاوز النمط الحالي لهذه المسلسلات، لأن كتابتها لا تقع ضمن اهتماماته في الفترة الحالية على الأقل، وقال خالد عثمان:"لا شك أن الكتابة في المجال الدرامي التلفازي أو الإذاعي مغامرة وشرك، النجاة والتوفيق فيه صعب؛ لأن هناك جمهورا معقدا لهذين المجالين الفسيحين، جمهور له ذوقه وثقافته الخاصة به، والمطلوب منك ككاتب أن تقدم نصا قريبا من ذوقه وثقافته، والنجاح في هذا الأمر غاية صعبة" وأردف قائلا: "أنا شخصيا لم أفكر في هذا النوع من الكتابة؛ في ظني أن لها كتابها المتخصصين والمتمرسين". وقال لنا القاص نبهان الحنشي: "أنا فعلا كتبت، وشاركت في الإعداد لمسلسل حواليس.يومها كنا قد تدربنا على كتابة السيناريو على يد المخرج المصري محمد القليوبي، والسيناريست الرائع والكبير محفوظ عبدالرحمن..وحلقتي اخترتها حول موضوع "ظاهرة التسوّل"، ولكن الذي حدث بعدها..أن فُرض علينا مخرج للعمل، وهو مال الله درويش..الذي أبدى امتعاضه من الأعمال المقدمة، وطالب بالكثير من التغييرات فيها..الأمر الذي رفضته وانسحبت على أساسه، مع العلم أن محمد القليوبي، ومحفوظ عبد الرحمن قد أبديا إعجابهما بالطريقة الدرامية التي صنعت بها الحلقة". ويبدي يحيى المنذري رغبته بالمحاولة قائلا: "التفكير في هذا الجانب موجود، ولكن لم توجد لدي محاولات سابقة بسبب عدم وجود عوامل مشجعة كالوقت المناسب، أو سير الدراما العمانية الحالية والتي في رأيي تشهد هبوطا، على الأقل عند مقارنتها مع بعض المسلسلات القديمة، وكما نشاهد أو نسمع فإن معظم المعروض حاليا سواء في الإذاعة أو التلفزيون، أعمالا هشة تعتمد على نصوص أسلوبها مباشر في الطرح، وتعتمد على مبدأ النصح و الإرشاد كما تتناول مواضيع مستهلكة، وهو ما يتناقض مع مبدأ الفن والتفرد الذي يعتمد على أسلوب جديد في الطرح ومواضيع مهمة تعتمد في أسلوبها على الإيجاز والتشويق وعدم المباشرة، وهنا أتساءل: أين المخرجون العمانيون؟ لماذا مثلا مخرج قدير مثل أمين عبد اللطيف ترك الدراما العمانية؟ واتفق معه خالد عثمان قائلا: " من الممكن أن نقول بأن هناك مسلسلات فعلا نجحت على الصعيد المحلي، مثل المسلسل الرائع (قراءة في دفتر منسي) ومسلسلات أخرى أخرجها وألفها المخرج الجميل والمتميز ( أمين عبد اللطيف)، كونها تعالج قضايا محلية من صميم الواقع العماني، وقال لنا سعيد الحاتمي: "يراودني هذا الهاجس منذ فترة بكل أمانة، واستهلك وقتا للتفكير في الأمر ثم اعدل بعد ذلك..في البداية يجب أن نعترف أن القدرة على كتابة عمل سردي لا يعني بالضرورة التمكن من كتابة الدراما..للعمل الدرامي أدواته وأسلوبه المختلف تماما، والتي قد لا أملكها في الحقيقة"، ويضيف الحاتمي قائلا: "الكتابة للدراما من جهة أنها مغامرة فهي مغامرة بالفعل، وغير مأمونة، كون أن العمل الدرامي يتلقاه كم من الناس لا يمكن مقارنته أبدا بأي عمل إبداعي آخر..هناك عدد لا نهائي من الأمزجة، والأفكار التي ستضع العمل على المحك..لذا على الكاتب أن يمتلك القدرة لإقناعهم بما تقدم، ربما أحاول كتابة حلقة ربما..لكن مسلسل لا أتوقع أنني سأفعل..على الأقل في هذه الفترة..لا أريد الكتابة لمجرد الكتابة..إن لم أكن متأكدا أن ما أقدمه سيضيف لي شيا في مسيرتي فلن يكون هنالك داعي للتجربة". وترى رحمة المغيزوية أن فكرة الكتابة للدراما فكرة قد تراود أي كاتب خاصة إذا آنس في بعض نصوصه اتجاها نحو كتابة الرواية من جهة، وأحس أن تجربته الكتابية يمكن أن تنتقل من الطور المقروء إلى الطور المشاهد والمسموع دون أن يمس ذلك بجوهر فكرة النص الذي كتبه، فيصبح العمل الدرامي هو عبارة عن نسخة مشوهة لما كتبه.
النص الغائب..ليس سببا
يصف مازن حبيب الدراما العمانية بأنها لا تزال تدور حول نفسها حين تتعامل مع مشاهديها، وكأنهم في معزل عن نظيراتها، فهي مُتوقعة وكثيراً ما تُدين مشاهديها وتخاطبهم بوعظية، معتقدة ربما أن هذا هو المستوى الذي يليق بذكاء مشاهديها. فلكم رأينا تنميطاً للشخصية العُمانية التي تظهر بمظهر الساذجة، والمغلوب على أمرها، والمغفلة أحياناً، حيث كثيرا ما تجد نفسها رهينة الحكمة الوعظية التي لابد أن تظهر في ثنايا الحلقة كدرس تلقيني لما ينبغي وما لا ينبغي على المرء تعلمه. ما الذي يجعلنا نعتقد حين نشاهد أن بعضاً من الممثلين لا يتجاوزون في أدائهم دور الشخصية الواحدة، التي لعلهم أجادوها في مسلسل ما فيما سبق، وظلوا يكررون ملامحها اعتقاداً منهم ربما أنها سر المهنة. فأحيانا تتحول أكثر المشاهد درامية لدى مشاهديه إلى مشاهد تدعو للضحك والسخرية من فرط المبالغة في التمثيل أو عدم الإقناع. لماذا يتكلم الممثل العماني حيث يجسد شخصية ما بصوت مسموع، في حين تشير كل المؤشرات أنه يقصد أن يُجري مونولوجاً داخليا؟ لماذا نصاب بالامتعاض، إن لم يكن الاشمئزاز، من الحوارات الباردة التي لا تنم عن فطنة ولا تقدم نقلات سلسة في الحدث؟ ولماذا تلك اللهجة المُفتعلة في الحوار التي لا نعلم إلى أي عُمان تنتمي، والتي يقصد منها أن تبرز مدى عُمانيتها، فتظهر وكأنها اللهجة الوحيدة المُعبِّرة، وتطمس مختلف اللهجات العُمانية الفعلية من شمال البلاد إلى جنوبها تعكس حقيقة التنوع الثقافي للبلاد وأهلها؟ ويرى خالد عثمان أن سبب ركاكة الدراما لا يرجع إلى النص الغائب: "ولكن من أخطر أسباب الركاكة -وهذه حقيقة لابد من النظر إليها بالعدسات المكبرة- الممثل العماني والمخرج العماني، حيث نجد أن هذا الممثل ما هو إلا موظف في وزارة الإعلام، فالتمثيل عنده وظيفة إضافية أي عمل إضافي يؤديه في وقت الفراغ، أي لا يتعامل مع التمثيل كمهنة واحتراف يعني إن أدى دوره بإتقان وحرفية أو بدون نفس فهذا لا يؤثر في وظيفته الأساسية. أما التمثيل عموما فهو فن الأداء إلى درجة الدخول في الشخصية المؤداة وتلبسها والتوحد بها حتى لا يظهر الفارق بين الشخصية الحقيقية والشخصية الممثَلة، فالمشاهد يرى الممثل الفلاني ولا يرى الشخصية في الممثل . فالمشاهد يتابع بالعين الناقدة ويلاحظ في أداء هذا الممثل وعدم إتقان أو تجانس الشخصية الواقفة أمامه مع المشاهد، والمواقف التي يقوم بها في العمل الدرامي. كما انه يدخل في علاقة مقارنة بين الإنتاج المحلي والإنتاج العربي الذي عرف صيحة درامية غير مسبوقة. ناهيك عن الانتاجات الغربية التي لا مجال للمقارنة بها الآن. هناك بعض الممثلين الذين صار لهم في التمثيل أكثر من ثلاثين سنة ولكنهم بلا أي تقدم في الأداء".
اللهجة..المقاصل.. الأداء:
ويحدثنا عبدالله خميس عن أن أحد الحواجز الكبرى أمام كتابته دراما اجتماعية للإذاعة بالدارجة المحلية هو التشويه الذي يُلحقه نمط التمثيل العماني بالجمل الحوارية قائلا: "معظم مسلسلاتنا الإذاعية والتليفزيونية يتكلم ممثلوها لهجة هجينة لا أعرف حقا من يتحدث بها في عمان. أراها لهجة غير مستساغة في دواخل عمان، وأعلم أن الجمهور ينفر منها. ولذا لا داع أن أكتب طالما أنا أعلم أنه لن يستمع لي أحد. لأجل ذلك فإن العمل الذي أكتبه حاليا هو باللغة الفصحى وهي مناسبة له نظرا لطبيعته العلمية، ولكن لا يمكن الاستمرار مع الفصحى في أعمال درامية اجتماعية لأنها ليست الأنسب لهذا النوع من الطرح. أما الدراما التلفزيونية فلم أفكر يوما في كتابة مسلسل تليفزيوني ولا يوجد مثل هذا التوجه لدي". ويخبرنا محمد الرحبي عن مخاوف تجريب الكتابة للدراما قائلا: "تأتي المخاوف ويتردد الكتّاب من الدخول لهذه التجربة لأنه إن فتحت وزارة الإعلام الباب أمامهم لتبني مواهبهم وإبداعاتهم يقوم آخرون بحمل السيوف لتقطيع الرقاب علنا، وحتى من لا يفهم كلمة نقد سينقد، ومن لا يفرق بين الدراما والدرامات سيشتم، وكأننا نمتلك قاعدة إنتاجية ضخمة تتيح الانتقاء قبل الانتقاد، وتقديم الأفضل مع أن هوليوود بجلال قدرها ومكانتها الفنية تقدم من الأعمال ما هو سطحي وركيك لكن حظها أنها ليست عمانية وإلا وجدت المقاصل جاهزة". بينما ينتقد خالد عثمان حال الدراما قائلا: "في مرات كثيرة نجد الممثل نفسه بين ليلة وضحاها صار مخرجا، فإذا كان التمثيل هو فن الأداء فان الإخراج هو فن تقديم هذا الأداء وإخراجه إلى الوجود من خلال تقنيات خاصة، ومتنوعة تعطي للصورة البعد الدرامي، ولكن ما نلاحظه في بعض الأحيان في الدراما العمانية أن المخرج يقبل أي أداء ركيك من الممثل كما انه لا يتفانى في تصحيحه أو تعديله على الأقل عن طريق الوسائل التقنية المتاحة. حتى كاميرات التصوير هناك أخطاء فنية في التقاط المشاهد، بمعنى أن المخرج لا يعتني جيدا بتفاصيل الأمور كأنه يريد أن ينتهي فقط من العمل والرمي به إلى المتلقي، وهناك عامل آخر يؤثر في عملية الإبداع في الإخراج وسبق أن وجدناها عند الممثل، وهي كون المخرج موظفا في الوزارة التي تنتج هذه الأعمال"
الحرية ثم الحرية ثم الحرية
وعن شروط الكاتب العماني التي يراها ضرورية للإقدام على خطوة الكتابة للدراما قال سعيد الحاتمي: "هنالك ثلاثة أمور بالتحديد أولا لا بد من وجود هامش مناسب من الحرية في اختيار المواضيع، وأسلوب التناول..ثم لا بد من وجود منتج يعطي العمل ما يستحقه..ووجود الكادر المحترف الذي يخرج بالعمل إلى النور وقد نضيف أمرا آخر وهو المردود المادي المناسب الذي يجب أن يتحصل عليه الكاتب".بينما شدد خالد عثمان قائلا: "الحرية ثم الحرية ثم الحرية.. ثم وسائل النجاح الأخرى"، وقال مازن حبيب: "قد لا أستطيع الحديث بالنيابة عن زملائي الكتاب فيما قد يدفعهم للكتابة الدرامية، لكنني أعتقد أن ثمة شعوراً ضمنياً بأن للدراما الحالية نبرة تم تحديدها مسبقاً، ومواضيع قد تم تفضيلها أكثر من غيرها سلفاً، حتى وإن لم تكن مُعلنة، وهذا ما قد يقابله الكُتاب بفتور. متى ما توفرت الحرية غير المقننة لدى الكاتب، فبإمكانه أن يتعمق في صراعات النفوس البشرية، والتعقيدات المتزايدة التي ظهرت في هذا الزمن المتسارع، والذي يلقي بظلاله على المجتمع والفرد، مجدداً دون أن يكون تبسيطياً نحوها، أو يتعامل معها بسطحية أو يعتقد أن من ضمن مهامه أن يقدم حلولاً لها. أعني حرية الكاتب في طرح الصراع الدارمي ومعالجته كما يراه، وكما سينعكس على أحداث العمل وضروراته. لو نظرنا إلى السنوات التسع الماضية مثلاً للاحظنا تغييرات كثيرة وكبيرة مست جوهر الإنسان العُماني وشخصيته وحددت مستوى تعامله مع الآخر من أقرانه ونمط معيشته وتطلعاته، ومازال مبكراً استيعاب كل هذه التغييرات والمطالبة بتجسيدها على الشاشة بنوع من الشمولية، بسبب قرب المدة الزمنية واستمرار دورة التغيير، لكن من المهم ملاحظة أن للدراما مساحة استثنائية للتعمق في دواخل البشر وعلاقاتهم المتضادة، لا أن يكون تجسيدها ملامساً للظاهر منها باستسهال"، وشاركنا عبدالله خميس برأيه قائلا: "حقيقة لا أعرف عن بقية الكتاب، لا أعرف ماذا قد يغريهم. أما بالنسبة لي فالإغراءات أربعة: وعد من شخص قادر على الوفاء بوعده بأن لا يتم تشويه حوار مسلسلي الإذاعي بلكنات هجينة، وأداء تمثيلي مفتعل ومقزز، وكذلك أن يكون المناخ الرقابي قد تحسن ووصل إلى الحد الأدنى من الأريحية الذي يسمح بتناول قضايا المجتمع الحقيقية دونما الزج بالشعارات التنموية التقريرية والوعظية والمباشرة في غير محلها في وسط الأعمال الدرامية، وأيضا أن يتم تصنيفي ككاتب بما يتناسب مع جودة نصي وليس في الفئة (ج) لمجرد أنني كاتب درامي جديد. أما إغراء الإغراءات فسيكون لو تم سن قانون يتيح للكاتب الدرامي العماني أن يتفرغ تفرغا مؤقتا ولكن كاملا للكتابة الدرامية. أي أن يفُرغ من عمله براتب كامل فترة ثلاثة أشهر أو ستة أو أكثر وفقا للعمل الدرامي الذي يقدِّم بخصوصه مقترحا للجهات المانحة للتفريغ، وذلك بعد صياغة آلية إدارية تنظم مسألة التفرغ، ويمكن الاستفادة في هذا الصدد من تجارب بعض الدول العربية مثل الأردن التي لديها نظام معمول به منذ عدة سنوات يسمح بتفريغ الكتاب والفنانين وفقا لآلية محددة ينظمها قانون خاص بهذه المسألة". وشدد أيضا المنذري على مساحة حرية التعبير في الأعمال الفنية، وأن يكون هناك مخرجون مبدعون صادقون في عملهم، ولديهم هدف واضح وهو إنتاج عمل مبدع ومتقن وفريد من نوعه وليس إجترارا وتكرارا لأعمال درامية عربية وغير عربية، لأن مخرج العمل هو أساس نجاح أي مسلسل أو فيلم لأنه هو من يختار النص الجيد ويتفاعل معه وهو من يختار الممثلين المناسبين لأداء الأدوار ، وهو من يدير العمل من الألف إلى الياء". على ضفة أخرى يعتقد محمد الرحبي أنه لا ماديا ولا معنويا يمكن أن يشفع للكاتب أمام الهجمات (النقدية/النكدية)، وأضاف: "رغم أنني أقرأها بروح ساخرة، وأضحك أحيانا لكن السؤال يدور حول جدوى ما نقدمه من جهد لنحصد هذا الغبار من مثيري الأتربة؟" وأردف قائلا: "أتساءل: هل أفكار درايش أكثر ضحالة من طاش ما طاش؟ هذا المسلسل الذي لولا وجود ناصر القصبي، وعبدالله السدحان (وقناة الـ أم بي سي) ما كان له هذا الصدى لأن بين أفكاره المسطح والعادي؟" وتابع قائلا: "لا أضيق بالنقد عندما يكون حقيقيا وهادفا، ولا حتى بما يقال في المنتديات أو الصحف، لأنني بكل بساطة انظر إلى الأمر بعين المتابع والمشاهد وصاحب التجربة الكتابية التي اعتز بها.. وواثق الخطوة يمشي ملكا"، وبشيء من التفصيل قال: "جرت الكتابة في درايش، وكانت حلقات العام الماضي محفزة لي للاستمرار هذا العام ببعض الحلقات، وعانيت من الرقابة، لكنني أقولها بوضوح وفخر أنني قدمت حلقات اتسمت بالجرأة، وليست هي درس قديم في كتابة القصة القصيرة حتى يطالب البعض بوجود المدرسة التقليدية في الأحداث، وكل حلقة لا تقدم وصفة سحرية لمشاكل المواطن والمجتمع، ولا يجب تحميل حلقة درامية فوق طاقتها لتناقش قضايا مصيرية". وترى المغيزوية أهمية فكرة النص، ومدى حداثتها، والدعم المادي والمعنوي الذي يتلقاه العمل،والتعاون المتبادل بين الأطراف المشتركة في العمل، أما الحنشي فيقول: "إذا وُجد الدافع المادي جذب كلّ شيء إليه، ولكن ما يجب الانتباه إليه أن العمل الدرامي شيء شاق ومُكلف، بالتالي ربما يضطر الكاتب للابتعاد عن طريقه كثيرا ربما" وأضاف الحنشي: "محمد سيف الرحبي كاتب رائع وجريء.. وحلقاته التي كتبها لدرايش هي استمرار لجرأته المعهودة منه، ولكن المستوى الفني والتسطيح، وتمويه الفكرة الأساس..شككنا في قدرة محمد سيف في اقتحام هذا المجال.. لذلك أتمنى من أي كاتب قصة أو رواية الحذر قبل الإقدام على تجربة كهذه.. خاصة وأنت تخاطب مشاهدا لا قارئا كما جرت العادة".
نريد حلقات عمل
وعن الحلول المقترحة قال عبدالله خميس: "حل هذه الإشكالية يكمن في تبني وزارة الإعلام العمانية، وغيرها من الجهات المعنية بالإنتاج الدرامي ورشَ عملٍ للتدريب على صياغة السيناريو. لن تخلق ورشة عمل من أي قاص أو روائي كاتبا دراميا بالضرورة، لكنها قد تستطيع اكتشاف موهبة مكنونة لدى واحد منهم لم يسبق لها أن وجدت مجالا لتعبر عن نفسها. في ذات الآن فإن على كتاب الدراما الموجودين في الساحة المحلية أن يقرأوا إصدارات القاصين والروائيين العمانيين سعيا لتحويل الملائم منها إلى عمل درامي، فهؤلاء أيضا عليهم الاقتراب من عالم الكتّاب والأدباء والدخول في شراكة معهم لأجل إنتاج أعمال درامية جيدة. وفي حقيقة الأمر فإن بُعد كُتّاب الدراما لدينا عن الإصدارات الأدبية يجعلهم يكتبون أعمالا مسيئة لشخصية الشاعر والأديب المعاصر ويصورونه بشكل تهريجي مسيء لا يعكس إلا عزلة هؤلاء الكتاب الدراميين وجهلهم بما وصل إليه الإنتاج الأدبي الحديث في عمان". واقترحت المغيزوية : "أن يتبنى القائمون على الدراما العمانية اختيار نصوص قصصية من الإنتاج الفعلي للكتاب العمانيين، ومن ثم طرح الفكرة على الكاتب لمعالجة النص بالأسلوب يناسب المعطى الدرامي أو تكوين حلقة ثلاثية الزوايا مكونة من القائمون على الدراما والكاتب وواضح السيناريو، بحيث يطرح القائمون فكرة تبني النصوص ويعرضون ذلك على الكتاب الذين بدورهم يقومون بترشيح نص من نصوصهم ومن ثم إجراء المعالجة الدرامية عليها، وفي اعتقادي ربما يكون ذلك حلا مناسبا لكل الأطراف، ومما يشجع على ذلك أن لدينا في الواقع الكتابي نصوصا قابلة للمعالجة الدرامية، كما أن هنالك نصوص يمكن أن يضمها موضوع واحد فمنها ما يتناول مشاكل المجتمع ومنها ما تناول التراث العماني وغيرهما"، وأكد الحاتمي على الفكرة السابقة حول ضرورة الإعداد لورش عمل في كيفية كتابة الأعمال الدرامية، وإعداد السيناريوهات لمجموعة من كتاب السرد والمسرحيون في السلطنة، والذين يملكون الرغبة مستقبلا في تجربة كتابة أعمال درامية. وشاطرهم المنذري في الرأي ثم أضاف: "ولكن هناك تساؤل: هل هناك اهتمام من قبل الجهات المعنية لإعداد مثل هؤلاء الكتاب؟".
ماذا لو تلقيت دعوة ؟
وعندما توجهنا بسؤالهم ماذا لو أن المسؤول وجه لك دعوة للكتابة لصالح الدراما فقال نبهان الحنشي: "لن أبادر ولن أفعل..يجب أن نُحترم كوننا كتّاب قصة.. أو رواية..هناك الكثير من الأعمال لنا، وأعتقد أنهم لو وفرّوا لها كاتب السيناريو الجيد لانتهت الكثير من المشاكل، ووجدوا أعمالا لا تهريجية ولا مزيفة ولا مُتخيلة، بل أعمال مرتبطة جذورها بالواقع العماني البحت" بينما قال يحيى المنذري: "كتابة المسلسلات كما ذكرت تحتاج إلى تقنية خاصة، وهذا أيضا يعتمد على مدى توفر عناصر العمل الجيد والتي ذكرتها سابقا. أما إذا جاء مخرج "قدير" وطلب مني إحدى قصصي المنشورة ليخرجها في عمل سينمائي أو تلفزيوني فلا مانع لدي شرط أن أقرأ أولا السيناريو"، وأشار عبدالله خميس إلى أنه: "قد أفعل، إذا كان لدي في وجداني ما أود قوله حقا ووجدت الوقت الكافي لذلك. نعم قد أفعل ضمن شروط محددة. أن يكون العمل إذاعيا وبالفصحى، أو إذاعيا بدارجة محترمة غير تهريجية أو مُسِفّة. لو وَجه لي شخص أثق به من الإذاعة مثل هذه الدعوة وأنا أعلم أنه قادر على أن يفي بكلمته ويحمي نصي من أذى الأداء التمثيلي العماني، فسأكتب للإذاعة دراما اجتماعية بالدارجة حينما يكون لدي ما هو مناسب لقوله دراميا". ويردف قائلا: "الشرط الآخر هو أن تكون الرقابة أكثر إنسانية، وعقلانية في تعاملها، ففي إطار درجة الرقابة المفروضة حاليا على الدراما العمانية فإنه لا أمل لدي أن ننتج يوما مسلسلا تليفزيونيا قويا أو يستحق أن يتابعه جميع العرب كما يتابعون الدراما السورية والمصرية وبعض الخليجية، وهنا أود القول أنني لا أنتظر من الرقيب أن يخفف من وطأة مهمته الصارمة من تلقاء نفسه، بل إن الكتاب الجيدين هم من سيجبرونه على قبول نصوصهم، إلا إذا كانت الغاية هي القضاء على أية بارقة لتحسين العمل الدرامي في عمان" وأضاف: "إن مشكلة الكاتب الدرامي العماني مع الرقابة مشكلة معقدة ذات طبيعة خاصة، فالمنتج الوحيد للمسلسلات التليفزيونية في عمان هو وزارة الإعلام، التي هي بنفسها الرقيب. ولا يمكن لهكذا مؤسسة أن تناقض نفسها. لو كان القطاع الخاص مضطلعا بمهمة الإنتاج لقاوم الرقابة وشاكسها وتحداها ولابد أن يحقق بعض المكاسب، لكنه من غير المنتظر أن تقاوم وزارة الإعلام نفسها.. لذا فالأمل الحقيقي لنهضة الدراما في عمان يتمثل في خيارين: مشاركة أقوى من القطاع الخاص في الإنتاج الدرامي والتمويل الكامل للمسلسلات بعيدا عن تليفزيون سلطنة عمان، أو عزل الرقابة عن الجهة الإنتاجية وذلك بتأسيس هيئة ذات صفة اعتبارية مستقلة معنية بوضع خطط واستراتيجيات وبرامج لتفعيل الإنتاج الدرامي وتشجيعه، على ألا تكون مراقبة النصوص جزءا من عمل هذه الهيئة بأية صورة من الصور". وقالت المغيزوية: "في هذه المرحلة أتوقع أن تكون مبادرتي في ضوء التعاطي مع نصوصي المكتوبة، بحيث يتم معالجة النصوص المكتوبة أساسا دراميا".
نريد معهدا للفنون
ويرى خالد عثمان أن: "الدراما ليست فنا اعتباطيا أو طبيعيا وإنما هي موهبة مصقولة بالعلم والممارسة، لهذا أتمنى أن نرى في يوم ما معهدا عاليا للفنون في بلدنا على غرار ما هو موجود في كثير من الدول العربية، يخرج لنا كوادر فنية في الدراما العمانية، فالأعمال العشوائية والتطوعية عمرها قصير، وليست بمستوى المسؤولية، وهي مرة في الطين ومرة في العجين"، وتطلع عبدالله خميس بشدة إلى خطة العمل والمقترحات والتوصيات التي تمنى أن تقدمها للفن في عمان اللجنة العليا الخاصة بدراسة أوضاع المسرح، والدراما في عمان، وتمنى أن تنتهي هذه اللجنة من عملها قريبا وتضع استراتيجية وطنية جيدة وناضجة للنهوض بالدراما في عمان، وتمنى أن يبدأ تنفيذ بنود خطة العمل هذه بأسرع وقت ممكن طالما كانت بنودا صالحة، وقابلة للتطبيق، وتحمل مؤشرات كافية تدلل أنها ستصب في صالح الدراما، والمسرح في عمان، وأضاف: "وطالما أننا نتحدث عن موضوع علاقة الأدباء بالكتابة الدرامية فإنني أطمح أن يكون من ضمن توصيات ومقترحات هذه اللجنة بنود تهدف إلى تجسير الفجوة بين القاص والكاتب الدرامي، عن طريق عمل لقاءات مشتركة وورش عمل لصياغة السيناريو يشارك فيها كتاب سيناريو محترفون ومتمكنون، وغير ذلك من الحلول الممكنة"، وفي نهاية استطلاعنا تمنى مازن حبيب أن يشاهد عملاً درامياً عُمانياً يُوصف بالذكي يحاكي التعقيدات الشتى التي تفرضها الحياة.