الأربعاء، 13 يوليو 2011

جدران يحيى المنذري تثير جدلا في النادي الثقافي



اسئلة الثمانينات تطرح لليوم .. عن الذات والخصوصية والعالمية!



كتبت: هدى حمد
تصوير: فيصل البلوشي








الثلثاء, 12 يوليو 2011
ملحق شرفات-جريدة عمان




عقبت الورقة الانطباعية التي قدّمها القاصّ والكاتب سليمان المعمري الاثنين الماضي في النادي الثقافي، بعنوان: عبور الجدران..قراءة انطباعية في "طيور" يحيى المنذري "الزجاجية"، الكثير من المداخلات التي رصدتها شرفات.
وعلى الرغم من أنّ المعمري صرّح منذ العنوان بأنها قراءة انطباعية، وليست نقدية - ليكون ذلك هو خط الرجعة الذي يستعين به إذا ما هطلت عليه الانتقادات- إلا أن غالبية الحضور كانوا مندمجين مع الورقة التي قدّمها، بل وتفاءل عدد كبير منهم بميلاد ناقد جديد في عُمان. وعبر يحيى المنذري عن تفاجئه من تحليل المعمري الذي ركز على ثلاث ثيمات.. "قد تكون ثيمة الفن التشيكلي تم التطرق إليها، وسمعتها من قبل ولكن ثيمة الجدران أسمعها للمرة الأولى، وهو لم يكتفِ بإظهارها في المجموعة الأخيرة، وإنما في كل مجموعاتي السابقة".
سعت الورقة إلى تأمل جدران كتابة يحيى بن سلام المنذري الشكلية والمضمونية من خلال تركيزها على مجموعته الأخيرة "الطيور الزجاجية" وتعريجها على مجموعات يحيى الثلاث الأخرى "نافذتان لذلك البحر"، و"رماد اللوحة"، و"بيت وحيد في الصحراء" ، طارحة عددا من الأسئلة من قبيل: ما هي العوالم التي تلح على كتابة المنذري؟ وما هي المضامين التي تتكرر لديه من مجموعة لأخرى؟ والى أي مدى أثر عشقه للفن التشكيلي في كتابته القصصية؟ وأسئلة أخرى ولدها التوغل في ثيمة الجدار، ومن ثم عرضت الورقة تجليات ثيمة الجدار في مجموعة "الطيور الزجاجية"، ملفتة النظر إلى عدة تجليات لهذه الجدران هي الجدران الخشبية كما في قصتي "طائرة تبدد لون السماء" و"إنقاذ"، والجدران الأسمنتية كما في قصة "ليلة الخنجر"، و"من جدار أبيض إلى جدار أسود"، والجدران الزجاجية كما في قصة "سر الورقة"، مشيرة إلى أن الجدران تمنع الإنسان من مجرد الحلم في قصة "الباب الزجاجي"، وتمنعه من مجرد الكلام في قصة "الساق"، كما أشارت الورقة إلى تجلٍّ آخر للجدران في مجموعة "الطيور الزجاجية" هو الجدران التي ترينا أنفسنا، تلك التي تقوم مقام المرايا في تقديمنا كما نحن بلا أية رتوش أو محاولات تجميل.
ورأى المعمري أن كتابة يحيى سلام المنذري هي كتابة الأسئلة بامتياز.. فلقد دأب على طرح الأسئلة التي تبدو في ظاهرها بريئة، ولكنها ليست كذلك في العمق..ثم تصل الورقة إلى ملاحظة جوهرية مفادها أنه كلما تقدمت تجربة يحيى المنذري القصصية للأمام كلما تراجع الحضور التشكيلي للخلف، أو لنقل خفت وبات في خلفية المشهد..

لكي لا أكرر نفسي

بدأت المداخلات، بطرح شرفات لعدد من الأسئلة كان أولها حول عمر تجربة يحيى المنذري التي تمتد لأكثر من عشرين عاما، وبالرغم من ذلك ليس بحوزته سوى أربع مجموعات قصصية.. "هل هذا لأنك من الكُتاب الذين يخططون طويلا قبل النشر، أم لأنك مقل أصلا في عملية الكتابة؟" فكان أن أجاب المنذري بقوله: "هذا الشيء خارج عن إرادتي..عندما كنا ندرس في الجامعة كان هنالك نشاط قوي وتدفق هائل في كتابة القصة، لدرجة أنه طغى على الدراسة نفسها آنذاك.. أصدرتُ مجموعتي الأولى وأنا في السنة قبل الأخيرة من الجامعة عام 1993، بعد ذلك أخذنا العمل والحياة الاجتماعية لأشياء أخرى.. أيضا هنالك الحرص على التأني، ونظرة وطموح لأن لا يتكرر الأسلوب في الكتابة، مع محاولة التطوير فيها". استوقفه الشاعر يونس البوسعيدي متسائلا حول مسألة التخطيط للكتابة، فأجابه المنذري: "في البدايات الأولى كانت القصة تأتي بدون تخطيط, ولكن هنالك حالات أخرى أخطط لها منذ البداية.. فالأمران ممكنان معا في الكتابة..أعني التخطيط وعدمه".

أقرأ الغلاف قبل الشراء
وتابعت شرفات أسئلتها قائلة: "هل استطعت عن طريق الكتابة أن تُلغي رغبتك بالفن التشكيلي.. وهل يمكننا عبر الكتابة أن نحقق ما أخفقنا فيه عبر الفن؟" أجاب المنذري: "من الملفت حقا أن أجد الفن التشكيلي ضمن كتاباتي بطريقة لا واعية..هكذا تأتي المسألة بدون تخطيط، وهذا ربما من تأثير تداخل الفنون التشكيلية بالفنون الكتابية، حيث نجد لوحة يمكن من خلالها أن نقرأ حياة كاملة، ويحدث العكس أيضا". أما السؤال الأكثر خصوصية الذي طرحته شرفات فكان: "هل من عاداتك أن لا تقرأ الغلاف النهائي لأي كتاب، كما هو حال بطلك في قصة "جدران ومرايا"؟. ابتسم المنذري وأجاب: "أنا من الناس الذين يقرؤون الغلاف الأخير قبل شراء الكتاب، ولكن بطل القصة هو ممن لا يقرؤون الغلاف الأخير.. كان ذلك محاولة لقول شيء غير مطروح كثيرا".

ليست مهمة الكاتب
بعدها انتقلت شرفات للتساؤل حول دلالات الجدران التي كانت في الغالب الأعم سيئة وسلبية.. فالجدران عقبة في وجه الحلم، الجدار يعبر عن الانشغال، الجدار نقيض الحرية، الجدار يشغلنا عن قراءة كتاب.. "ألا توجد دلالات أخرى للجدار أكثر إيجابية؟" فأجاب المعمري قائلا: "صحيح أنه غلبت القراءة السلبية للجدران، ولكن الأمر لم يخلُ من جوانب إيجابية لهذه الجدران تحديداً في قصة "إنقاذ".. حيث مثل الجدار نافذة على الحرية، وإنعتاقاً للمرأة. وفي قصة "جدران ومرايا".. المرء لم يكن بحاجة لقراءة كتاب ليتأمل ذاته بعمق، إذ ساعدته الحيطان على هذا التأمل ، ما يعني أن دلالة الجدار هنا يمكن أن تكون ايجابية بعكس تأويلك.
فكان أن سألت شرفات.. "يحيى المنذري طارح الأسئلة بامتياز، فماذا عن المهام الأخرى، والتي ربما هي الأكثر صعوبة ..الأجوبة؟". رأى المعمري أن الأجوبة ليست من مهام الكاتب،"مهمته أن ينبش في الأسئلة، وهذا أقصى ما يمكن أن يفعله الكاتب سواء أكان قاصا أو شاعرا أو روائيا أو مسرحيا، فهو ليس منظرا اجتماعيا ليضع لنا الأجوبة أو حلولا للمشاكل".

تراجع الحلم والأفكار
الشاعر يحيى اللزامي هنأ نفسه والآخرين بميلاد الناقد سليمان المعمري، وأضاف: "يحيى المنذري "جواهرجي"، وسر تميزه في ترفعه عن الاستسهال في الكتابة، لأن من يدرك نار الكتابة وأسئلتها الحارقة سيظل متأنيا فيها.. لذا أنا لم أتفاجأ بالقيمة الجمالية التي قدّمها في مجموعته الأخيرة.. ثمة مكر في عناوين المجموعات، واستخدام للجمل الاسمية وبالتحديد في المجموعة الأخيرة "الطيور الزجاجية"..فهل ثمة طيور غير زجاجية أصلا.؟!. وإذا ما وجدت فأتمنى أن تدلني عليها!" .. أعجب المنذري بتعبير مكر العناوين، وتابع: "لا أظن بوجود طيور زجاجية أصلا.. أما موضوع تفسير النص فأتركه دائما للقراء وللنقاد.. فليس لديّ الحقيقة القدرة على تحليل القصة التي اكتبها".
فتابع اللزامي قائلا: "ما ذكره المعمري من أنّ حضور الفن التشكيلي إلى كتابتك بدأ يتراجع، هل هذا دلالة على تراجع الحلم يا يحيى، وتراجع الكثير من الأفكار التي آمنا بها، وكنا نأمل أن تتحقق؟" صمت المنذري قليلا ثم قال: "لم يتلاشَ إلى الآن حلم التشكيل.. قد يخفت، وقد يعود لاحقا بشكل أكثر تدفقا وقوة، ربما يكون المغزى من ذلك أن لا أكرر نفسي". ثم وجه اللزامي سؤاله إلى المعمري: "إلى أي مدى يا سليمان استطاع المنذري عبر مجموعاته هذه أن يطرح الأسئلة التي ينبغي طرحها؟ فأجابه المعمري: "من وجهة نظري الأسئلة هي الأسئلة..ليست هنالك أسئلة حارقة وأخرى مراوغة..طريقة طرح الأسئلة هي التي تختلف دائما.. الأسئلة التي يطرحها المنذري تبدو لأول لحظة بسيطة وعابرة ويمكن أن يطرحها أي شخص، ولكن عندما تتأملها بعمق تجد أنها تحاول أن تستكنه أشياء لم تكن موجودة من قبل، ومن الملاحظ أن أبسط الأسئلة وأعمقها هي تلك التي يطرحها الأطفال، والأطفال ثيمة متكررة في كتابة المنذري ولديه أبطال أطفال كثر في مجموعاته القصصية من مثل قصة "إنقاذ"، و"طائرة تبدد لون السماء".. هؤلاء الأطفال يطرحون أسئلة تبدو بسيطة ولكنها عميقة في نفس الوقت.. لدرجة أن القارئ يستعجب كيف لم يطرحها على نفسه..

أنا لا أعتصم باليمام
وكان للدكتور زكريا المحرمي مداخلة قال فيها: "أنت اكتشفت ثيمة الجدران عند المنذري، الذي تشكل وعيه الكتابي في فترة الثمانينيات..تلك الفترة كانت حبلى بما يناقض ما تحدثت عنه.. حيث كان تحطم جدران الاتحاد السوفيتي وتساقطه، تحطم جدران نيلسون مانديلا وخروجه إلى الحرية، وتحطم الجدار الجليدي الفاصل بين العرب وإسرائيل.. فهل اعتصام يحيى المنذري بالجدران هو نتيجة لخوفه من هذا الطوفان الهائل، ومن الانفتاح والتغير السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. أم هو حنين إلى الأصالة وما يمكن التمسك به في ظل المتغيرات؟
أضاف المعمري إلى جملة ما تحطم من جدران، "تحطم جدران مهمة في الألفية الجديدة من مثل تحطم جدران سرية المعلومة، وتحطم الحواجز بين البشر نظرا للتواصل الالكتروني السهل"
ثم تابع قائلا: " المنذري لا يعتصم بالجدران فقط.. فلدى الكاتب القصصي وحتى الشاعر ثيمات معينة تجدها تتكرر في كتابته من دون أن يشعر..فكما أخبرنا المنذري أنه لم يشعر بتكرر ثيمة الجدار في مجموعاته.. وهنالك أيضا في كتابته ثيمات أخرى تتكرر كالطيور والأطفال، وعبارة "خفق قلبه" أو "قلب يخفق"، هذه الثيمات والعبارات تتضافر مع بعضها لتشكل كيانه كقاص.. لكن تكرر ثيمة أو كلمة في كتابة أديب لا يعني بالضرورة أنه "يعتصم" بهذه الثيمة .. فلو فرضنا مثلا أنني أكرر كلمة "يمام" في كتابتي فلا يمكن أن أقول أني اعتصم باليمام لأني أكرر هذه الكلمة !

من الذات إلى العالم
وانتقل المحرمي إلى سؤال آخر، "أنت كقاص وكناقد أيضا يا سليمان ما رأيك بمسألة طغيان الذات الكاتبة في القصص والروايات..هل هو دليل على صحة في الكتابة أم أنه دليل على عدم قدرة إبداعية؟ فأجابه المعمري: "قرأتُ لك مقالا يا زكريا في شرفات منذ عدة سنوات، واستفزني لكتابة نص من نصوص عارف البرذول حمل عنوان "قصة برذولية جدا".. كنت تأخذ في مقالك ذاك على كتاب القصة العمانيين أنهم بعيدون عن بيئتهم ولا يعبرون عن مجتمعهم وأنهم يتحدثون عن أشجار السنديان التي لا وجود لها في عُمان .. أنا اختلف معك.. فلا يعني أن أكتب عن فلج هنا وقلعة هناك أني اكتب قصة محلية بامتياز، إذ أنّ المسألة لا تقوم على الشكل بقدر ما تقوم على روح النص.. وعودة إلى سؤالك : إذا لم أكتب ذاتي في البداية وتعالقي مع الأشياء فأنا لا أصلح أن أكون لا شاعراً ولا كاتبا ولا قاصا ولا مسرحيا، الذات هي شرط أساسي من شروط الكتابة، ش الذات ليعبر عمّا هو عام من خلال يومياته البسيطة وهو يغلي الق ريطة أن يمتلك الكاتب أدواته لكي يحول شأن الذات إلى شأن عام. محمود درويش معظم قصائده وكتاباته النثرية يتحدث فيها عن هوة مثلا.. أنا شخصيا أحب الكُتاب الذين يكتبون عن أنفسهم وذواتهم أكثر ممن يحدثونني عن حادثة تكتب بضمير الغائب..

الخلطة السحرية
وجد خالد العريمي ( أخصائي تدريب بوزارة التربية والتعليم) أن القصص هي من أكثر الأمور التي تُحدث تغيرا في حياة الإنسان، وخير دليل على ذلك قصص القرآن الكريم.
وتساءل: "ما هو موقفك من استخدام بعض الكلمات العامية في سرد القصص؟" فقال المنذري: "الأمر يعتمد على توظيف الكلمة ، وعلى فكرة وموضوع القصة..أنا أتجنب وجود الكلمات العامية، ولكنها حدثت في مجموعتي الأخيرة، وعادة ما أتركها بين علامتيّ تنصيص، وألحق بها الشرح في الهامش، لأني أتوقع أن يقرأ المجموعة قراء غير عمانيين". ثم تساءل العريمي عن الخلطة السحرية من أجل إثارة القارئ للمتابعة وقراءة ما تكتبه؟ فأجاب: "في رأيي الصدق في الكتابة، وعنصر التشويق مهم في القصة".
فأتبعه العريمي بالسؤال الثالث عن الكتابة الإلكترونية؟ فقال: "أنشأتُ مدونة مؤخرا، وقد ساعدتني لأن تصل مجموعة كبيرة من قصصي لأكبر شريحة من القرّاء".
ورأى يحيى اللزامي أن د. زكريا المحرمي طرح سؤالا في غاية الأهمية، "أنا كمتلقٍ لم أشعر أنه تمّ الإجابة على سؤاله بالشكل الجيد.. هل الجدران هي ما نلوذ به ونعتصم إزاء التحولات الكبرى في العالم..أمام طوفان العولمة؟". وتابع د.زكريا المحرمي الفكرة قائلا: "الجدار هنا يمثل رمزاً لثابت معين..ثابت الوطنية أو الخصوصية أو التراث.. هذه الجدران المنتصبة في اللا شعور نلجأ إليها في ظل المعمعة السياسية والاقتصادية؟"، أجابه المنذري باختصار: "إذا كنت تقصد وجود علاقة بين الجدران التي سقطت في العالم، والجدران التي تحدث عنها سليمان المعمري فليست هنالك أية علاقة". وأضاف يوسف الذهلي أنه شاهد في قناة الجزيرة قبل أيام كيف تمكن الفلسطينيون من كسر بعض من الجدار الفاصل.. وأكد على أنّ لهذا دلالة، "كسر الجدران يساوي الحرية".

لا أكتب من أجل العالمية
اغتنم يونس البوسعيدي وجود كتاب القصة في النادي الثقافي ليطرح سؤاله، "أنا غير مطلع على تجربة النثر العماني بشكل كبير، ولكن ما أعرفه هو وجود شاعرين على الأقل وصلا إلى العالمية.. أبو مسلم البهلاني وسيف الرحبي.. هل يوجد قاص عماني استطاع أن ينقل روح المجتمع العماني إلى العالم؟ أجابه المعمري: "وأخيرا استيقظ الدب" لعبدالعزيز الفارسي تكاد تكون أكثر مجموعة عمانية قصصية فيها الروح العمانية، ومجموعة كاذية بنت الشيخ لرحمة المغيزوي أيضا، وهنالك مجموعات لا تخلو فيها قصة أو أكثر من الروح العمانية.. سيف الرحبي وصل للعالمية، ولكن..هل لأن روحه عمانية أم لأنه محظوظ إعلاميا؟ بالتأكيد لديه تجربة اشتغل عليها جيدا ولكن لديه علاقات جيدة أيضا، الروح العمانية حاضرة في نصوصه صحيح، ولكن ليس هذا فقط سبب انتشاره خارج السلطنة .. فهناك شعراء آخرون تحضر هذه الروح بشدة في نصوصهم كسماء عيسى مثلا. ثم أكد المنذري أنه لا يكتب من أجل الوصول إلى العالمية وإنما يكتب قناعاته وأفكاره.
ثم تساءل البوسعيدي.."هل راودتك رغبة بتوظيف الحداثة التكنولوجية في كتابة قصة؟" فقال المعمري: "مجرد أن يكون لديك مدونة تنشر عبرها.. فأنت بذلك تعيش في الحداثة المعلوماتية". وقال المنذري: "ليس بالضرورة أن اكتب عن الحياة الالكترونية لمجرد أني أمارسها، قد يكتب غيري، أو اكتبها أنا مستقبلا.. الأمر مشابه تماما لما قاله د.جابر عصفور في أحد المؤتمرات حول عدم وجود خيال علمي في الرواية العربية أو أنه نادر..الأمر ليس بالضرورة أن يكتب عنه الجميع".

التقوقع في الثيمات
وقال البوسعيدي أيضا للمنذري.. "لديك تقوقع في نفس الثيمات عبر مجموعاتك، وعندما كنت تقرأ قصة "جدران ومرايا" كنت أتساءل: ماذا يفيد أن أعرف أن هذا لونه أصفر، وذاك شكله كذا.. هذا الديكور الفني للقصة ما فائدته؟ فرد عليه المنذري: "أخال أن قولك في البداية أنك ضعيف في القراءة السردية هو سبب لطرحك لمثل هذه الأسئلة..أنت تتحدث عن الديكور الفني، وأنا أظنني بعيدا عن تجميل القصة.. ربما أنا أكرر بعض الثيمات كما تقول، ولكنك يا يونس: هل قرأت جميع مجموعاتي لتلاحظ ذلك؟" فأجاب: "استنتجتُ ذلك من كلام سليمان المعمري"، فأنكر سليمان أن يكون قد قال أنّ المنذري متقوقع ثم أضاف: "من المعروف أن الكاتب يلح عليه طوال مشواره الكتابي ثيمة أو موضوع واحد يظل يكتبه بطرائق مختلفة من عمل أدبي إلى آخر..ابراهيم الكوني مثلا يكتب عن الصحراء ويكررها في أكثر من رواية، عبدالرحمن منيف كان يكتب عن الهم السياسي وأدب السجون.. لكل كاتب هم يشغله، يتوزع على كتابته بطريقة أو بأخرى .. وعندما يتكرر هَمُّ ما في كتابة يحيى من مجموعة لأخرى فلا يعني هذا أنه متقوقع ".

وشاركنا أيضا الكاتب الأستاذ أحمد الفلاحي الذي يعتبر يحيى المنذري من المميزين لغة وصوراً وجملة في الكتابة.."البيئة في كتابة الكاتب تفرض نفسها.. يحيى لديه مجموعة فيها سمائل وفيها العمالة الوافدة وأشياء كثيرة تتصل بالروح العمانية.. لكن عملية الكتابة لا ينبغي أن يتم التعامل معها من قبيل: لماذا لم تكتب هكذا أو لم تكتب هذه الثيمة.. الكاتب يكتب تحت وهج الإبداع ولا ينشغل بالجوانب التحليلية، وإنما يتركها للناقد..الكوني ومنيف اشتركا في الكتابة عن الصحراء، ولكن اختلفا في الطريقة. بالنسبة لـسيف الرحبي هو حالة مختلفة، بدأ أدبه خارج عمان بين العواصم الثقافية المهمة وهنالك برز وتكون، وجاء عمان أديبا مميزا".
وأردف قائلا: "نحن نشكو من غياب الكاتب العماني عن الساحة العربية لعوامل تاريخية وعوامل عزلة وغياب الإعلام وأشياء أخرى، ولكن في العشر السنوات الأخيرة بتنا نرى العماني ينشر، ويحضر المؤتمرات والفعاليات في دول مختلفة من العالم. كما أن التواصل الالكتروني كسر الكثير من الجدران".

الجديد في الورقة وليس الأسئلة

قال رئيس الجلسة قبل الختام، الشاعر يحيى الناعبي معلقاً على سؤال يونس البوسعيدي عن الروح العمانية : "كتبتُ مؤخرا عن رواية ابن سولع للكاتب علي المعمري الذي أتاحت له الحياة أن يعيش في الخارج، ولكن الروح العمانية كانت متمكنة من هذه الرواية، وكذلك الأمر بالنسبة لمجموعة سالم آل توية "حد الشوف" التي كتب بعضها في بريطانيا"
استفز المعمري اثنين من مجايلي يحيى المنذري في كتابة القصة هما: محمد البلوشي، ومحمود الرحبي للحديث ، فاعتذر الأخير بينما قال البلوشي : "الأسئلة التي كنا نطرحها أو تطرح علينا منذ الثمانينات هي نفسها الأسئلة التي تطرح في الألفية الجديدة، وهي نفسها التي طُرحت الليلة :الخصوصية المحلية والوصول إلى العالمية.. ولكن ما أدهشني اليوم هو القراءة التي بدأت تقترب من المنتج العماني بطريقة جديدة كنا نطمح إليها، في الماضي كانت تركز على القصة وتفاصيلها وحبكتها ونهايتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق